___
غرائب :
"جرى إيه يالدلعدي؟! لأ يا عمر ده أنا أفرش لك الملاية وأخلي اللي ما يشتري يتفرج! شوف ياخويا المرا بنت الرفضي تلهيك وترازيك وتجيب اللي فيها فيك! أقفي عوج وإتكلمي عدل أحسن أجرسك وأبهدلك وأطلع ميتينك وأخليكي تمشي ع العجين ما تلخبطيهوش! قال بطلوا ده واسمعوا ده... وشووبااش".
متابعو الدراما المصرية كثيراً ما يسمعون العبارات السابقة وما شابهها في مشاهد مشاجرات النسوة، لاسيما إذا كانت الأحداث تدور في حارة مصرية أو في أماكن شعبية. ولكن إذا كان المشاهد غير المصري يجد صعوبة في فهم بعض الكلمات والتعبيرات الواردة في هذه المشاهد ومعرفة معانيها وأصولها، فإن نسبة كبيرة من المصريين كذلك لا يعرفون شيئاً عن أصول هذه المفردات سوى أن "النسوان البلدي"، أي نساء المناطق الشعبية، كن يستخدمنها قديماً في مشاجراتهن الكلامية أو ما يوصف في العامية المصرية بـ"الردح". فما هي معاني وأصول هذه التعبيرات؟
يا الدلعدي
لهذا اللفظ تفسيران، الأول أنه تحريف لعبارة "يا ألد العدي"، أي "يا ألد الأعداء"، والآخر "يا دا العدي"، أي "يا هذا العدو". تعني هذه العبارة أن الذي يتوجه إليه الحديث هو عدو. أما لو كان الحديث يتوجّه إلى شخص صديق، فالمصطلح يعني حينها الدعاء له وحمايته من ألد أعدائه.
يا عمر
من أقدم التعبيرات المصرية، وهو يعود للعصر الفاطمي. لأسباب مذهبية، كان الفاطميون يبغضون شخصية عمر بن الخطاب، فكان خطباؤهم يسخرون منه على المنابر ذاكرين بعض المواقف المنسوبة إليه ثم يقولون باستهزاء "وأين كنت أنت يا عمر؟" ويمطّون كلمة عمر فيقولون "يا عوووماااار". توارث المصريون التعبير فصاروا يقولون لمن يردحون له "يا عمر".
أفرش لك الملاية
حتى منتصف القرن العشرين كانت النسوة، خاصة في الإسكندرية، يرتدين عند الخروج ملاءة سوداء. وإذا أرادت إحداهن الردح لفترة طويلة فرشت ملاءتها على الأرض وتربعت عليها، وهذا الموقف يعني أنها تفرّغت للمواجهة والمقارعة.
أخلي اللي ما يشتري يتفرج
ومعناها أن تقوم الرادحة بتوجيه الإهانات إلى خصمها حتى تفضحه وتجعله "فرجة" للناس، كالبضاعة المعروضة على الملأ لمن يرغب في الشراء ولمن يكتفي بالمشاهدة.
المرا
إذا أراد المصريون مخاطبة المرأة باحترام، في لغتهم الشعبية، قالوا لها "الست". أما إذا أرادوا احتقارها قالوا عنها "المرا". وكلمة "المرا" تستخدم كذلك في السباب الموجّه للرجل. فإذا وصف بها أحدهم فهذا يعني أنه ناقص الرجولة، وإذا قيل له "يا ابن المرا" فهي إهانة مركبة، إذ يتم بها تحقير أمّه. والأمر نفسه إنْ وُصِف أنه "تربية مرا" أي أنه لم يتربَّ على الرجولة. وقد تتم إضافة وصف فاحش بعد كلمة "مرا". فيقال مثلاً "ابن المرا الـ...".
ابن أو بنت الرافضي
هذه أيضاً سبّة قديمة جداً، أصلها "ابن الرافضي". والرافضي مشتقة من "الرافضة" وهو أحد الأوصاف التي تطلق على كارهي الصحابة من غلاة المتحيّزين للإمام علي.
تلهيك وترازيك وتجيب اللي فيها فيك
هو مثل شعبي يصف "العاهرة" بأنها حين تتشاجر مع خصومها، فإنها تلهيهم عن المشكلة بأن تتطاول عليهم و"ترازيهم" أي تشاكسهم، ثم تتهمهم بما فيها من نقائص.
أقف عوج واتكلم عدل
أي قف كما تريد لكن تحدث باحترام.
أجرسك وأبهدلك
التجريس كناية عن الفضيحة. وأصل الكلمة أن المحكوم عليه بعقوبة في العصور القديمة كان يوضع مقلوباً على حمار ويطاف به في المدينة وخلفه منادٍ يعدد جرائمه وهو يقرع الجرس. أما البهدلة فهي العبث بهيئة الخصم وهندامه حتى يفقد احترام الناس له.
أطّلعلك ميّتينك
يعتبر المصريون أن أصعب موقف قد يتعرض له المرء هو خروجه من القبر يوم القيامة للحساب. يشير هذا التعبير إلى أن المتحدث سيجعل خصمه يعاني ما هو أقسى من طلوعه هو وأهله (ميّتينه) من القبر.
تمشي على العجين ما تلخبطوش
أي إلزام الشخص المقابل بالتزام الأدب، حتى يبلغ به الحذر، ألا يغير شكل العجين لو سار عليه.
بطلوا ده واسمعوا ده
أي اتركوا ما في أيديكم واسمعوا ما يقال لتشهدوا على ما يحدث.
شوباش
هذه من أقدم مفردات الردح المصرية على الإطلاق. فهي تعود للعصر الفرعوني بمعنى مختلف تماماً عن الغرض المراد من الردح. فـ"الشوباشي" عند الفراعنة هي تماثيل صغيرة توضع في القبر لتردد الدعاء للميت. وقد انتقلت الكلمة للعصر الحديث وحملت معنى آخر هو "رددوا ورائي ما أقول وأمنوا على كلامي الموجّه للخصم".
هذه بعض مفردات لغة الردح المصرية. صحيح أن قسماً منها قد انقرض، لكنها بقيت حاضرة في التراث الشعبي في مجتمع كان قطاع كبير منه يعتبر أن تمكّن المرأة من الردح هو علامة قوة تردع أي شخص عن التطاول علىيها أو على أسرتها، حتى إن المصريين تناقلوا عبارة "الغجرية ست جاراتها" أي أن المرأة الردّاحة هي صاحبة السيطرة على جاراتها، بل بلغ الأمر حد أن بعض النساء كن لو أردن النيل من عدو استأجرن "رداحة" مقابل بدل مادي! من ناحية أخرى فقد كان المحافظون أخلاقياً- وما زالوا- يستنكرون هذه الممارسة ويعتبرونها نقيصة لأنّ وصف "رداحة" هو من الأوصاف المسيئة إلى المرأة المهذبة. ولكن في كل الأحوال، فإن الردح قد فرض نفسه في الثقافة الشعبية في مصر مدة طويلة حتى صار من الصعب تجاهله.
"جرى إيه يالدلعدي؟! لأ يا عمر ده أنا أفرش لك الملاية وأخلي اللي ما يشتري يتفرج! شوف ياخويا المرا بنت الرفضي تلهيك وترازيك وتجيب اللي فيها فيك! أقفي عوج وإتكلمي عدل أحسن أجرسك وأبهدلك وأطلع ميتينك وأخليكي تمشي ع العجين ما تلخبطيهوش! قال بطلوا ده واسمعوا ده... وشووبااش".
متابعو الدراما المصرية كثيراً ما يسمعون العبارات السابقة وما شابهها في مشاهد مشاجرات النسوة، لاسيما إذا كانت الأحداث تدور في حارة مصرية أو في أماكن شعبية. ولكن إذا كان المشاهد غير المصري يجد صعوبة في فهم بعض الكلمات والتعبيرات الواردة في هذه المشاهد ومعرفة معانيها وأصولها، فإن نسبة كبيرة من المصريين كذلك لا يعرفون شيئاً عن أصول هذه المفردات سوى أن "النسوان البلدي"، أي نساء المناطق الشعبية، كن يستخدمنها قديماً في مشاجراتهن الكلامية أو ما يوصف في العامية المصرية بـ"الردح". فما هي معاني وأصول هذه التعبيرات؟
يا الدلعدي
لهذا اللفظ تفسيران، الأول أنه تحريف لعبارة "يا ألد العدي"، أي "يا ألد الأعداء"، والآخر "يا دا العدي"، أي "يا هذا العدو". تعني هذه العبارة أن الذي يتوجه إليه الحديث هو عدو. أما لو كان الحديث يتوجّه إلى شخص صديق، فالمصطلح يعني حينها الدعاء له وحمايته من ألد أعدائه.
يا عمر
من أقدم التعبيرات المصرية، وهو يعود للعصر الفاطمي. لأسباب مذهبية، كان الفاطميون يبغضون شخصية عمر بن الخطاب، فكان خطباؤهم يسخرون منه على المنابر ذاكرين بعض المواقف المنسوبة إليه ثم يقولون باستهزاء "وأين كنت أنت يا عمر؟" ويمطّون كلمة عمر فيقولون "يا عوووماااار". توارث المصريون التعبير فصاروا يقولون لمن يردحون له "يا عمر".
أفرش لك الملاية
حتى منتصف القرن العشرين كانت النسوة، خاصة في الإسكندرية، يرتدين عند الخروج ملاءة سوداء. وإذا أرادت إحداهن الردح لفترة طويلة فرشت ملاءتها على الأرض وتربعت عليها، وهذا الموقف يعني أنها تفرّغت للمواجهة والمقارعة.
أخلي اللي ما يشتري يتفرج
ومعناها أن تقوم الرادحة بتوجيه الإهانات إلى خصمها حتى تفضحه وتجعله "فرجة" للناس، كالبضاعة المعروضة على الملأ لمن يرغب في الشراء ولمن يكتفي بالمشاهدة.
المرا
إذا أراد المصريون مخاطبة المرأة باحترام، في لغتهم الشعبية، قالوا لها "الست". أما إذا أرادوا احتقارها قالوا عنها "المرا". وكلمة "المرا" تستخدم كذلك في السباب الموجّه للرجل. فإذا وصف بها أحدهم فهذا يعني أنه ناقص الرجولة، وإذا قيل له "يا ابن المرا" فهي إهانة مركبة، إذ يتم بها تحقير أمّه. والأمر نفسه إنْ وُصِف أنه "تربية مرا" أي أنه لم يتربَّ على الرجولة. وقد تتم إضافة وصف فاحش بعد كلمة "مرا". فيقال مثلاً "ابن المرا الـ...".
ابن أو بنت الرافضي
هذه أيضاً سبّة قديمة جداً، أصلها "ابن الرافضي". والرافضي مشتقة من "الرافضة" وهو أحد الأوصاف التي تطلق على كارهي الصحابة من غلاة المتحيّزين للإمام علي.
تلهيك وترازيك وتجيب اللي فيها فيك
هو مثل شعبي يصف "العاهرة" بأنها حين تتشاجر مع خصومها، فإنها تلهيهم عن المشكلة بأن تتطاول عليهم و"ترازيهم" أي تشاكسهم، ثم تتهمهم بما فيها من نقائص.
أقف عوج واتكلم عدل
أي قف كما تريد لكن تحدث باحترام.
أجرسك وأبهدلك
التجريس كناية عن الفضيحة. وأصل الكلمة أن المحكوم عليه بعقوبة في العصور القديمة كان يوضع مقلوباً على حمار ويطاف به في المدينة وخلفه منادٍ يعدد جرائمه وهو يقرع الجرس. أما البهدلة فهي العبث بهيئة الخصم وهندامه حتى يفقد احترام الناس له.
أطّلعلك ميّتينك
يعتبر المصريون أن أصعب موقف قد يتعرض له المرء هو خروجه من القبر يوم القيامة للحساب. يشير هذا التعبير إلى أن المتحدث سيجعل خصمه يعاني ما هو أقسى من طلوعه هو وأهله (ميّتينه) من القبر.
تمشي على العجين ما تلخبطوش
أي إلزام الشخص المقابل بالتزام الأدب، حتى يبلغ به الحذر، ألا يغير شكل العجين لو سار عليه.
بطلوا ده واسمعوا ده
أي اتركوا ما في أيديكم واسمعوا ما يقال لتشهدوا على ما يحدث.
شوباش
هذه من أقدم مفردات الردح المصرية على الإطلاق. فهي تعود للعصر الفرعوني بمعنى مختلف تماماً عن الغرض المراد من الردح. فـ"الشوباشي" عند الفراعنة هي تماثيل صغيرة توضع في القبر لتردد الدعاء للميت. وقد انتقلت الكلمة للعصر الحديث وحملت معنى آخر هو "رددوا ورائي ما أقول وأمنوا على كلامي الموجّه للخصم".
هذه بعض مفردات لغة الردح المصرية. صحيح أن قسماً منها قد انقرض، لكنها بقيت حاضرة في التراث الشعبي في مجتمع كان قطاع كبير منه يعتبر أن تمكّن المرأة من الردح هو علامة قوة تردع أي شخص عن التطاول علىيها أو على أسرتها، حتى إن المصريين تناقلوا عبارة "الغجرية ست جاراتها" أي أن المرأة الردّاحة هي صاحبة السيطرة على جاراتها، بل بلغ الأمر حد أن بعض النساء كن لو أردن النيل من عدو استأجرن "رداحة" مقابل بدل مادي! من ناحية أخرى فقد كان المحافظون أخلاقياً- وما زالوا- يستنكرون هذه الممارسة ويعتبرونها نقيصة لأنّ وصف "رداحة" هو من الأوصاف المسيئة إلى المرأة المهذبة. ولكن في كل الأحوال، فإن الردح قد فرض نفسه في الثقافة الشعبية في مصر مدة طويلة حتى صار من الصعب تجاهله.
0 التعليقات:
إرسال تعليق