بالإضافة إلى ما قد يراه المسحور من رؤى محزنة، أو مزعجة، أو مفزعة من الشيطان الرجيم، فهناك أنواع من الرموز قد تأتي في الرؤى الصادقة التي قد يراها المُصاب؛ لتعينه أو من يعالجه على اكتشاف الإصابة بالسِّحر. ومن ضمن هذه الرموز على سبيل المثال، وليس الحصر:

1. السُّموم: لأنَّ السُّمَّ قد يدلُّ في المنام على السِّحر؛ لقول النبيِّ: (صلَّى الله عليه وسلَّم): «من تَصَبَّح كل يوم سَبْعَ تَمَرَات عجوة، لم يضرُّه في ذلك اليوم سُمٌّ ولا سِحر» (متفق عليه). (راجع قاعدة تفسير الرؤى بالحديث الشريف [ارتباط التلازم] في الباب الثالث من هذا الكتاب)

2. الحيَّات والعقارب: لأنَّها من الكائنات المؤذية بالسُّمِّ. والسُّمُّ في المنام قد يدلُّ على السِّحر (راجع النقطة السابقة)، أو لقول الله (تعالى) عن سحرة فرعون: ﴿قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى﴾ (طه:66)؛ أي أنَّها حيَّات تسعى.

3. النـجاسات بكافَّة أنواعها: كالدم، والبراز، والبول (أعزَّكم الله تعالى)؛ لأنَّ السَّحرة (عليهم لعنة الله تعالى) يستخدمونها في أسحارهم.

4. الكلب والخنـزير: لأنَّها من الحيوانات التي فيها نجاسة، ولأنَّ النجاسات قد تدلُّ في المنام على السِّحر (راجع النقطة السابقة)، وأخصُّ بالذكر الكلب الأسود؛ لقول النبيِّ (صلَّى الله عليه وسلَّم): «الكلب الأسود شيطان» (رواه مسلم).

5. العُقدة أو العُقَد: لأنَّ السَّحرة (عليهم لعنة الله تعالى) ينفثون فيها لعمل السِّحر، يقول الله (تعالى): ﴿وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ (الفلق:4).

6. السَّاحر والشيطان: لأنَّهما طَرَفان مباشران وأساسيَّان في الأعمال السِّحريَّة، ولقول الله (تعالى): ﴿وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ (البقرة:102).

7. الموسيقى، أو الغناء، أو الجَرَس: لقول النبيِّ (صلَّى الله عليه وسلَّم): «الجَرَسُ مزامير الشيطان» (رواه مسلم)، وللحديث الشريف عن عائشة (رضي الله [تعالى] عنها) أنَّ أبا بكر دخل عليها، والنبيُّ (صلَّى الله عليه وسلَّم) عندها يوم فطر أو أضحى، وعندها قَيْنَتَان تغنِّيان بما تقاذفت الأنصار يوم بُعَاث، فقال أبو بكر: «مزمار الشيطان؟» مرَّتين، فقال النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم) : «دعهما يا أبا بكر، إنَّ لكلِّ قوم عيدًا، وإنَّ عيدنا هذا اليوم» (متَّفق عليه).

8. اليهود: لأنَّ لبيد بن الأعصم اليهوديَّ (عليه لعنة الله تعالى) هو الذي عمل السِّحر للنبيِّ (صلَّى الله عليه وسلَّم)، ولقول الله (تعالى): ﴿وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ…﴾ (البقرة:102)؛ أي اليهود هم الذين كانوا يتَّبعون طريق تعلُّم السِّحر وممارسته.

9. الحيوانات، والطيور، والذبائح: لأنَّ السَّحرة (عليهم لعنة الله تعالى) يذبحون الحيوانات والطيور كقرابين للشيطان الرجيم بغرض إعانتهم على إتمام السِّحر. وكذلك فقد يرى المسحور بعض الحيوانات المفترسة؛ لأنَّها مؤذية لجسم الإنسان كما يؤذيه السِّحر، وكذلك فقد يرى القرود؛ لأنَّ اليهود الذين اتَّبعوا طريق السِّحر وتعلُّمَه قد مُسخوا قرودًا، يقول الله (تعالى): ﴿…مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ… ﴾ (المائدة:60).

10. الفراعنة: لأنَّهم كانوا ضالعين في السِّحر كما تحدَّث القرآن الكريم عنهم، كما في قول الله (تعالى): ﴿قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ (الأعراف:116).

11. الإلقاء: أي رؤيا شخص يُلقي شيئًا على شخص آخر أو أمامه، أو رؤيا شيء يُلقَى على شخص من مكان مجهول أو ما يُشبه ذلك؛ للآية الكريمة السابقة: ﴿…فَلَمَّا أَلْقَوْاْ…﴾ (الآية السابقة).

12. هاروت وماروت: وهما مَلَكان قال الله (تعالى) في شأنهما: ﴿وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ﴾ (البقرة:102). وكانا يُعلِّمان الناس السِّحر مع تحذيرهما لمن يعلماه من أنَّ تعلُّم السحر كفر، وإخباره بأنَّهما فتنة واختبار له من الله (تعالى).

13. البئر: لأنَّ السِّحر الذي عُمِل للنبيِّ (صلَّى الله عليه وسلَّم) كان مدفونًا في بئر اسمها ذَرْوان أو ذو أروان، كما جاء ذلك في الحديث الشريف المُتَّفق على صحَّته.

14. العذاب والألم: لقول الله (تعالى) على لسان أيُّوب (عليه السلام): ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾ (ص:41).

15. الإيذاء والتأذِّي: لأنَّ السحر هو نوع من أنواع الأذى.

16. مدينة بابل العراقيَّة: لقول الله (تعالى): ﴿…وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ…﴾ (البقرة:102).

17. الرمز ذو المعنيـين: وهو أن يرى الشخص في رؤياه رمزًا، في حين يعتقد في ضميره أنـَّه شيء آخر، كأن يرى الشخص في منامه حمامة مثلًا، في حين يعتقد أنَّها ثعبان، وقد يدلُّ ذلك على السَّحر؛ لقول الله (تعالى): ﴿قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى﴾ (طه:66). (وسوف نتناول هذا النوع من الرموز بتفصيل أكثر خلال هذا البحث بمشيئة الله تعالى)

18. الليل المُظلِم: لقول الله (تعالى): ﴿وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)﴾ (سورة الفَلَق). (راجع قاعدة تفسير الرؤى بآيات القرآن الكريم [ارتباط التلازُم] في الباب الثالث من هذا الكتاب)

19. القبور: لأنَّ السِّحر كثيرًا ما يكون مدفونًا في الأرض كما أنَّ الأموات مدفونون في الأرض أيضًا. (راجع قاعدة تفسير الرؤى بالتشابُه)

20. الأماكن المهجورة والمُوحشة: لما قد تدلُّ عليه من أماكن اجتماع الشياطين.

21. الحمَّام وأماكن قضاء الحاجة: لأنَّ المسلم يستعيذ بالله (تعالى) من الشيطان قبل دخوله إلى هذه الأماكن، بما علَّمنا إيـَّاه النبيُّ (صلَّى الله عليه وسلَّم) من الدعاء: «اللَّهم إنِّي أعوذ بك من الخُبُث والخَبَائِث» (متَّفق عليه).

22. التثاؤب: وذلك لقول النبيِّ (صلَّى الله عليه وسلَّم): «التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم، فليكظم ما استطاع» (متفق عليه). *

23. السقوط إلى أسفل أو التواجد في مكان منخفض أو أسفل شيء معيَّن: لوجود نوع من الأعمال السِّحرية يُسمَّى بالأعمال السُّفليَّة.

24.الجنُّ: منهم المسلم ومنهم الكافر، وربَّما يساعد الصالحون منهم المسحور في تخفيف سحره أو التخلُّص منه.

25. الكفَّار: لقول الله (تعالى): ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ (التوبة:28). والسِّحر – كما هو معلوم – تدخل في عمله النجاسات (أعزَّكم الله تعالى).

26. الأمراض العضويَّة والأعراض الجسديَّة المصاحبة لها: لما قد يسبِّبه السحر من بعض الأمراض والأعراض الجسديَّة.

27. السَّحور ووقت السَّحَر: للجناس بين الكلمتين مع كلمة سِحْر. (راجع قاعدة تفسير الرؤى بالجناس اللغويِّ)

28. رؤيا الشخص أنَّه يُخيَّل إليه أنَّه فعل شيئًا، في حين أنَّه لم يفعله: لأنَّ هذا قد حدث للنبيِّ (صلَّى الله عليه وسلَّم) عندما تعرَّض للسِّحر، كما قالت السيَّدة عائشة (رضي الله [تعالى] عنها): «حتَّى كان رسول الله (صلَّى الله عليه وسلَّم) يُخيَّل إليه أنَّه يفعل الشيء، وما يفعله» (متفق عليه).

29.كلُّ ما يدلُّ عند الرائي على السِّحر: كقصَّة معيَّنة، أو مكان معيَّن، أو شخص معيَّن، أو كتاب معيَّن، أو أغنيَّة معيَّنة…إلخ. (راجع قاعدة تفسير الرؤى بالمعنى الشخصيِّ)

30. النار والاحتراق: لأنَّ النار هي مادَّة خلق الشياطين.

ملحوظة مهمة: هذه الرموز ليست بالضرورة تدل على السحر في كل الرؤى، ولكن ربما تدل على السحر للمصاب به فقط، وقد تأتي في رؤى أخرى لتدل على معان أخرى مختلفة لغير المسحور. نسأل الله العفو والعافية لجميع المسلمين.



والله (تعالى) أعلم

0 التعليقات:

إرسال تعليق